فصل: ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ الْجُنُبِ يَغْتَمِسُ فِي الْمَاءِ وَلَا يُمِرُّ يَدَيْهِ عَلَى بَدَنِهِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجُنُبِ وَالْمُحْدِثُ حَدَثًا يُوجِبُ الطَّهَارَةَ يَغْتَمِسَانِ فِي الْمَاءِ حَتَّى تَغْمُرَ أَبْدَانَهُمَا وَلَا يُمِرَّانِ أَيْدِيَهُمَا عَلَى أَبْدَانِهِمَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهُمَا ذَلِكَ مِنَ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ فَمِمَّنْ قَالَ أَنَّ الْجُنُبَ يُجْزِيهِ أَنْ يَغْتَمِسَ فِي الْمَاءِ اغْتِمَاسَةً الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ وَحَمَّادٌ الْكُوفِيُّ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا قَامَ فِي الْمَطَرِ وَاغْتَسَلَ بِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ وَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ فَرْجَهُ يُجْزِيهِ غُسْلُهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةُ: لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يُمِرَّ يَدَيْهِ عَلَى جَسَدِهِ أَوْ عَلَى مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَغْمِسُ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ فِي الْمَاءِ لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ لِلْوُضُوءِ وَإِنْ نَوَى بِهِ الْوُضُوءَ حَتَّى يُمِرَّ يَدَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ أَوْ عَلَى جَسَدِهِ وَقَالَ رَجُلٌ لِعَطَاءٍ أَيُفِيضُ الْجُنُبُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا بَلْ يَغْتَسِلُ غُسْلًا، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: يُجْزِي الرَّجُلَ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَنْ يَغُوصَ غَوْصَةً فِي الْمَاءِ غَيْرَ أَنَّهُ يُمِرَّ يَدَيْهِ عَلَى جِلْدِهِ.

.ذِكْرُ الْجُنُبِ يُحْدِثُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ غُسْلِهِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُغْتَسِلِ مِنَ الْجَنَابَةِ يُحْدِثُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ غُسْلَهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُتِمُّ غُسْلَهُ وَيَتَوَضَّأَ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ مِنَ الْحَدَثِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: يَسْتَأْنِفُ الْغُسْلَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ.

.ذِكْرُ الْجُنُبِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْغُسْلِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْغُسْلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَوَضَّأُ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ.
637- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا مَنْصُورٌ، عَنْ حَبَّانَ الْحَرَمِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجُنُبِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْغُسْلِ قَالَ: يَتَوَضَّأُ.
638- وَحَدَّثُونَا عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، قَالَ قَرَأْتُ عَلَى شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ: فِي الْجُنُبِ يَخْرُجُ مِنْ ذَكَرِهِ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْغُسْلِ قَالَ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ. وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَسُفْيَانُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: لَا غُسْلَ إِلَّا عَنْ شَهْوَةٍ، وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ كَانَ بَالَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ وَإِنْ لَمْ يَبُلْ حَتَّى اغْتَسَلَ أَعَادَ الْغُسْلَ هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ.
639- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ يَقُولُ: إِذَا اغْتَسَلَ الرَّجُلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: إِذَا كَانَ بَالَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَبُلْ حَتَّى اغْتَسَلَ أَعَادَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: هَلْ بَالَ هَلْ بَالَ، وَهَذَا مُرْسَلٌ لِأَنَّ عَطَاءً لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ يَخْرُجُ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَبُولَ أَوْ بَعْدَمَا بَالَ هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

.ذِكْرُ النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ تَجْنَبُ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا تُجْبَرُ عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كَذَلِكَ فِي كِتَابِ سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ: تُجْبَرُ عَلَيْهِ وَقَالَا جَمِيعًا تُجْبَرُ عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضَةِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَأْمُرُهَا بِالِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْمَحِيضِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ فَلِلْجُنُبِ أَنْ يَطَأَ وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَهِيَ جُنُبٌ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَجْبُرَهَا عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَلَهُ أَنْ يَجْبُرَهَا عَلَى الِاغْتِسَالِ مِنَ الْمَحِيضِ.

.ذِكْرُ الْكَافِرِ يُسْلِمُ:

ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا أَسْلَمَ أَنْ يَغْتَسِلَ.
640- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمْتُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ فَاغْتَسَلْتُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ.
641- أَخْبَرَنَا النَّجَّارُ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ ابْنَا عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ أُسِرَ فَأَسْلَمَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَافِرِ يُسْلِمُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ وَأَمْرُهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنَ الْجَنَابَةِ فِي كُفْرِهِ مِنِ احْتِلَامٍ أَوْ جِمَاعٍ وَلَا يَغْتَسِلُ وَلَوِ اغْتَسَلَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرِيضَةٌ مِنَ الْفَرَائِضِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى بِهَا إِلَّا بَعْدَ الْإِيمَانِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَدَاءُ شَيْءٍ مِنَ الْفَرَائِضِ مِثْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ إِلَّا بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَالِكٌ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: إِذَا أَسْلَمَ الْمُشْرِكُ أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَكُنْ جُنُبًا أَجْزَأَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ كَانَ تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ هَكَذَا قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَكَذَلِكَ قَالَ: لَوْ كَانَ حَجَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ يُعِيدُ حَجَّهُ لَمَّا حَبِطَ عَمَلُهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ كَقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَقَالُوا فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِذَا تَيَمَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَجَعَ إِنَّ ذَلِكَ التَّيَمُّمَ لَا يُجْزِيهِ وَكَانَ الَّذِي ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ يَسْتَأْنِفُ الْعَمَلَ فِي قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ كُفْرِهِ وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5] الْآيَةَ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: إِنَّمَا مَعْنَاهُ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ إِنْ مُتَّ عَلَى شِرْكِكَ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْخَاسِرَ فِي الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَنْ مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ دُونَ مَنْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] الْآيَةَ فَهَذِهِ الْآيَةُ مُفَسِّرَةٌ لِتِلْكَ الْآيَةِ وَمُبَيِّنَةٌ لِمَعْنَاهَا عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِهِ: {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] الْآيَةَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ مَاتَ عَلَى ارْتِدَادِهِ.

.جُمَّاعُ أَبْوَابِ آدَابِ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ:

.ذِكْرُ مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ:

642- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٍ، ثنا يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: جَاءُوا بِعُسٍّ فِي رَمَضَانَ فَحَزَرْتُهُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ أَوْ تِسْعَةً أَوْ عَشَرَةً فَقَالَ مُجَاهِدٌ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ فِي مِثْلِ هَذَا.
643- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِقْدَارَ الْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِقَدْرِ الصَّاعِ.

.ذِكْرُ إِبَاحَةِ الِاغْتِسَالِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ مِنْهُ:

644- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى أَهْلِهِ فَتَوَضَّأَ وَبَقِيَ قَوْمٌ فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ فَصَغُرَ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ فَضَمَّ أَصَابِعَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْمِخْضَبِ فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ جَمِيعًا كُلُّهُمْ قُلْتُ: كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: ثَمَانِينَ رَجُلًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ التَّوْقِيتِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا الْمَاءَ بِكَيْلٍ وَلَا كَانَ مَا أَخَذَهُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَعْلُومًا وَفِي هَذَا الْمَعْنَى اغْتِسَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ.
645- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، وَغَيْرُهُ، ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنَ الْجَنَابَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِيمَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ الْمُغْتَسِلُ وَالْمُتَوَضِّئُ مِنَ الْمَاءِ حَدٌّ لَا يُجَاوِزُهُ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ. وَأَخْذُ النَّاسُ لِلْمَاءِ مُخْتَلَفٌ عَلَى قَدْرِ رِفْقِ الْإِنْسَانِ وَخَرَقِهِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَيْسَ لِلْوُضُوءِ وَلَا لِلْغُسْلِ عِنْدَنَا وَقْتٌ وَلَا قَدْرٌ وَلَا كَيْلٌ مِنَ الْمَاءِ إِنَّمَا هُوَ مَا طَهَّرَهُ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: أَدْنَى مَا يَكْفِي مِنَ الْمَاءِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ صَاعٌ وَأَدْنَى مَا يَكْفِي مِنَ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَاءِ مُدٌّ.

.ذِكْرُ الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ:

646- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا مَرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ، تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ.
647- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: سَتَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ.

.ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الْمَاءِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ:

648- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخَلَ الْمَاءُ إِلَّا بِمِئْزَرٍ.

.ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ:

649- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ فَقَالُوا: مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ فَذَهَبَ مُوسَى مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ مُوسَى ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ قَالَ فَجَمَحَ فِي أَثَرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرٌ ثَوْبِي حَجَرٌ حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَتِهِ فَقَالُوا: وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ فَقَامَ الْحَجَرُ بَعْدَمَا نَظَرُوا إِلَيْهِ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} [الأحزاب: 69] الْآيَةَ فِيهِ نَزَلَتْ.

.ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ:

650- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ يَعْنِي عَبْدَ اللهِ بْنَ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِي عُذْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخَلَ الْحَمَّامُ ثُمَّ رَخَّصَ لِلرِّجَالِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْمَيَازِرِ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ نَدْخُلَ الْحَمَّامَ إِلَّا وَعَلَيْنَا الْأُزُرُ.
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُذْهِبُ الْوَسَخَ وَيُذَكِّرُ النَّارَ.
651- حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ.
652- حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدُ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ، قَالَ: نَهَى عُمَرُ أَنْ نَدْخُلَ الْحَمَّامَ إِلَّا وَعَلَيْنَا الْأُزُرُ.
653- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا قُرَّةُ، ثنا عَطِيَّةُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يَنْفِي الْوَسَخَ وَيُذَكِّرُ النَّارَ.
654- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، أنا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ الْكِلَابِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَيَقُولُ: نِعْمَ الْبَيْتُ يَذْهَبُ بِالضَّبِيَّةِ أَوْ بِالضَّبَّةِ وَيُذَكِّرُ بِالنَّارِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دُخُولُ الْحَمَّامِ مُبَاحٌ وَنَظَرُ الْمَرْءِ إِلَى عَوْرَةِ غَيْرِهِ مُحَرَّمٌ فَإِذَا اسْتَتَرَ الْمَرْءُ وَتَحَفَّظَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَةِ غَيْرِهِ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِ دُخُولُ الْحَمَّامِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْفَرِدَ الرَّجُلُ لِئَلَّا يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى عَوْرَةِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانُوا مُسْتَتِرِينَ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ صَاحِبَ الْحَمَّامِ إِذَا تَرَكَ أَحَدًا يَدْخُلُ بِغَيْرِ إِزَارٍ. وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ دَخَلَ الْحَمَّامَ مَرَّةً وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فَلَمَّا دَخَلَ إِذَا هُوَ بِهِمْ عُرَاةً فَجَعَلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْجِدَارِ وَغَطَّى وَجْهَهُ وَنَاوَلَ نَافِعًا يَدَهُ فَقَادَهُ حَتَّى خَرَجَ ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ إِلَّا وَحْدَهُ وَكَانَ لَا يُدْخِلُهُ إِلَّا وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ صَفِيقٌ وَكَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللهِ أَنْ يَرَانِيَ مُتَجَرِّدًا فِي الْحَمَّامِ.
655- حَدَّثَنَا عَلَّانُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَدْخُلَ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَلَا لِمُؤْمِنَةٍ إِلَّا مِنْ سَقَمٍ.
656- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فَلَمَّا دَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِهِمْ عُرَاةً قَالَ: فَجَعَلَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْجِدَارِ ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي يَا نَافِعُ بِثَوْبِي قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَالْتَفَّ بِهِ وَغَطَّى عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ نَاوَلَنِي يَدَهُ فَقَدْتَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
657- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، ثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ إِلَّا وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُهُ إِلَّا وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ صَفِيقٌ وَيَقُولُ: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللهِ أَنْ يَرَانِيَ وَأَنَا مُتَجَرِّدٌ فِي الْحَمَّامِ.
658- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا شُرَيْحٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَطْلِيهِ صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَإِذَا بَلَغَ عَوْرَتَهُ وَلِيَهَا بِيَدِهِ.